لا شك أن الجميع ينتظر بفارق الصبر ما ستؤول إليه الاحتجاجات التي تعتزم تنظيمات من الشباب ظهرت مؤخرا على المواقع الاجتماعية و معهم مجموعة من الجمعيات المدنية الحقوقية و شبيبات بعض الأحزاب السياسية المعترف بها و غير المعترف بها رسميا داخل المشهد السياسي المغربي ,الكل ينتظر و الكل يحاول أن يسبق الأحداث و يتكهن ما الذي ستأخذه مسار الأمور يوم الأحد المقبل,و هنا التحليل ينصب في ثلاث اتجاهات ملخصة في الأسئلة
التالية,
كيف ستتعاطى الدولة مع مشهد الاحتجاج.
كيف سيتعاطى المحتجون مع الأحداث, وما هي نسب نجاح الاحتجاج بارتباطه بمدى انضباط الأطراف المشاركة,
مدا ستكون ردة فعل من لم تستلهمهم دعاوى التظاهر,
الاتجاه الأول ,باستثناء ما صرح به وزير الاتصال خالد الناصري حين قال بأن الدولة ستتعامل بارتياح مع التحركات الأخيرة و اعتباره للمطالب على أنها مشروعة و ما إلى دلك من اللغة التي لم تخرج عن سياق الاستهلاك الإعلامي ,لم يتضح إلى حد الآن كيف سيكون تعاطي الدولة مع الاحتجاجات المرتقبة, أي هل الدولة ستسمح بالتظاهر و إن سمحت به كيف سيكون مستوى هدا التسامح , أي بمعنى من المعاني , هل في حالة عدم تعرض المحتجين في أول الأمر إلى المنع هل يعني دللك أن عزمهم الدخول في الأعتصامات وسط الميادين و الساحات
العامة و في الطرقات يمكن أن تسمح به الدولة أيضا ,
الخيار السائد لدى الدولة هو المثال الجزائري الذي شاهدناه مؤخرا في الجزائر العاصمة و يتمثل في الأقدام بتجهيزات بوليسية هائلة تضاهي قوة المتظاهرين و سيتم حصر المتظاهرين في بقعة ميدانية لا يسمح بالخروج و لا الدخول إليها , فيما يستمر الضغط على المتظاهرين و محاولة تشتيت قواهم الحركية عن طريق الحجز لفترات متفاوتة داخل سيارات الشرطة و أيضا بالاعتماد عل أسلوب الإجهاض المبكر لأي محاولة الارتداد من المتظاهرين عن طريق تجميع قواهم في الأحياء المجاورة للميادين الرئيسية للاحتجاج, هدا الخيار الأول سيكون ناجعا فعلا في حالة غياب القوة الجماهيرية الكبيرة التي قد تنهك الأعداد الضعيفة للحضور الأمني و بخاصة لاعتزام المتظاهرين خلق مجموعة من بؤر الاحتجاج في مدن متعددة , أي ما يعني
تشتيت قوى القواعد الأمامية لإخماد الاحتجاج ,
الخيار الأخر للسلطات الأمنية و هو التعامل مع الاحتجاج بنوع من ضبط النفس و الرهان على عامل الخلاف الذي سيظهر لا محالة بين المتظاهرين في توجيه مسار الاحتجاج لأسباب تتعلق بمرجعياتهم المختلفة و ما إلى دلك سيأتي التطرق لها فيما بعد ,و عامل الوقت و ضغط الانضباط الشخصية و الجماعية لدى المحتجين , أي ما يعني أن الاحتجاج لن يكون في أحسن الأحوال ليصل إلى مستوى الاحتجاجات في يوم كفاتح ماي , تشتد فيه الاحتجاجات مع الصبيحة فما أن تأتي الظهيرة حتى ينقشع ضلال " المناضلين" بسبب العياء و الجوع و ضغط الشمس و ربما اليأس , و يبقى هدا الخيار قوي وناجع فعلا في حالة كثرة المحتجين,
الخيار الثالث و يتمثل في الرهان على ردة فعل من هم ضد التظاهر سنأتي للتحليل في هدا الخيار لاحقا,و هو خيار يبدوا بعيدا في أول الأمر و دلك لخطورته و لان نتائجه لن تكون معروفة و لن تكون محسوبة , لكن سيبقى خيارا قويا في حالة طول أمد الاحتجاج و عجز
الأمن عن السيطرة على الشارع,
الاتجاه الأخير,
الجهات التي أعلنت مشاركتها في الاحتجاجات هي جهات مختلفة البرامج ومختلفة الدوافع رغم كل ما هو معلن عن رغبتها في الإصلاح , مختلفة المرجعية الفكرية و الأيديولوجية, تختلف في ابسط الأشياء فيما بينها,حتى في الشعارات ستختلف و يظهر هدا الاختلاف لمحال,رغم ما أعلنه المنضمون عن توحيد الشعارات و اللافتات , أقول هدا لأن التجربة أثبتت أن في المغرب مهما حاولت الأطراف التنازل فأنها تفشل في البقاء موحدة في آخر المطاف, و هنا لابد أن يعرف ما يوصفون بالمنضمين الشباب أن الأمر سيخرج عن سيطرتهم و لن يستطيعون الصمود كثيرا في قمره القيادة,و سيكتشفون فيما بعد على أنهم لم يستوعبوا أساليب اللعبة بعد,ادن فبكل حال من الأحوال في حالة عدم التعاطي الجماهيري من غير المنتمي و الغير المؤطر إيديولوجيا, و هو الأمر المرجح لاعتبارات مرتبطة بمن دعا للتظاهر و للنوايا الحقيقية و راء المشاركين ,في هدا السيناريو لن يستطيع المحتجون الصمود في الميدان لأن ما يفرقهم
في هده الحالة اكتر مما يجمعهم ,
السؤال الثالث. مدا ستكون ردة فعل من لم تستلهمهم دعاوى التظاهر .
ربما ما لم يدركه من دعا إلى التظاهر هو أن اغلب المجتمع المغربي شبابه و شيوخه يرفضون المشاركة في الاحتجاجات ليس لأنهم ضد المطالب المعلنة , بل هم معها كلها مع استثناءات معينة مرتبطة بشخص الملك الذي لن يقبل أي مغربي أصيل المساس به و علمانية
الدولة التي لن يقبلها أيضا أحد و مفهوم الدولة الحديثة التي يطالب بها هؤلاء.
يرفضون المشاركة لأن الجميع يشك في نوايا من دعا إلى التظاهر و يشك في نوايا من انضم إليهم على اعتبار أن كل هده التشكيلات الحزبية و المدنية لم تحضي في يوم من الأيام بثقة واسعة من طرف عامة الشعب , بل كان ينضر لها كما ينضر إلى أجهزة الدولة الفاسدة أو حتى أكتر منها ,فمدا يعني أن يطالب هِؤلاء الأحزاب بالديمقراطية و التداول السلمي للسلطة و حرية الاختلاف و ووو و ,ومعظم رِؤوس هته البوتقات السياسية لم تتنازل يوما هي الأخرى عن أمانة الحزب مند تأسيسها, و كتاب هده الأحزاب هم كتابها مند تأسيسها , فكيف بمن لم يستطع أن يمارس الديمقراطية في منزله أن يمارسها داخل قبيلته ,قد يلتزم من هم ضد التظاهر بضبط النفس ليوم او يومين , لكنهم لن يلتزموا لأبد, خاصة وأنهم مقتنعون بأن من يتحدث باسم الشعب لا يمثلهم في شيء و هو ما سينتج عنه حركة قوية تعيد لها أن تضع كل الأطراف في موقعها الطبيعي ,كما أنها هي من سيحدد سقف المطالب المرفوعة و طبيعة الإصلاح الذي
يريده الشعب,
البعض حاول أن يشبه الثورة التونسية و الثورة المصرية بما يعتقد انه قادم في المغرب , لكن ما لم يفهمه هؤلاء هو أن من قاد الشباب في تونس و مصر ليسوا هواة آو شبابا حديتي العهد بالسياسة , بل هم شباب مثقف في حجم مدير تسويق كوكل في مصر و هم الآن في الأئتيلاف الشبابي لحماية الثورة في مصر فمعظمهم محامين شباب و صحفيين شباب و أطباء يعرفون لغة الأعلام و لغة السياسة جيدا , راكموا من التجربة ما يؤهلهم لأن يكونوا في طليعة الجماهير, أما من ظهروا في أشرطة الفيديو الشبابية في المغرب فلم يشهدوا تكوينا جامعيا ولم يخوضوا معارك طلابية و لم يسبق لهم أن رؤوا الزنازين , فلا يمكن أن يمثلوا شباب المغرب بأي حال من الأحوال فهم غير مصنفين,بل كان معظمهم "نيبالاويين" ألى وقت قريب , فقلبوا قميصهم في وهلة واحدة , و كان على الدولة أن تتحمل تبعات كل هدا لأنها هي من لقنتهم مفهوم الحداثة و الانفتاح الأخلاقي و ما يرتبط بدلك في أعلامها و مهرجاناتها المائعة وضيقت على المساجد و على الدعاة و هيكلة الحقل الديني , و دعمت الصوفية ,و همشت السلفية و همشت بدلك دور الدعاة الأكثر تأثيرا على الشباب , و ما له علاقة بدلك , فأرادوا أن ينفتحوا على كل شيء و هم محقين في هده النقطة, لأن الانفتاح لا يقبل التجزيء في نضرهم, فأرادوا أن يجربوا مدا انفتاح المشهد السياسي في بلاد الانفتاح فطالبوا بما يشبه إسقاط النظام,فاعتبروا يا أولوا الألباب,

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق