ويتفق الفاعلون السياسيون الذين ادلوا بموقفهم امام الدبلوماسيين الامريكيين، على ان ما كتبه هؤلاء الدبلوماسيون يعبر عن تقييمهم ووجهة نظرهم وليس عن حقيقة مواقف الحزبيين المغاربة، او ان الدبلوماسيين افتقدوا عدم الدقة في سماع التعابير او الكلمات التي تفوه بها هؤلاء الفاعلون.
ونشرت صحف ومواقع الكترونية مغربية امس الاربعاء تسريبات جديدة تتعلق بتطورات نزاع الصحراء الغربية ومواقف كل من فرنسا واسبانيا من هذه التطورات ومواقف التيارات الاصولية (القانونية او شبه المحظورة) من التحولات التي تعرفها الساحة السياسية المغربية، خاصة مع نمو حزب الاصالة والمعاصرة الذي اسسه في 2008 فؤاد عالي الهمة صديق الملك محمد السادس والوزير السابق بالداخلية.
وقلل صلاح الوديع الاسفي الناطق الرسمي باسم حزب الاصالة والمعاصرة من اهمية هذه التسريبات. ونقلت صحيفة 'اخبار اليوم' المغربية عن الوديع حول ما ذكرته التسريبات ان السبب الرئيسي لتأسيس الحزب 'هو انشغال القصر من ارتفاع شعبية الإسلاميين، من خلال حزب العدالة والتنمية' قوله ان الولايات المتحدة الامريكية تحاول دائما الحد من استقلالية قرار اي دولة من دول العالم الثالث وان استقلالية القرار المغربي يزعجها كثيرا.
واكد ادريس لشكر عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ووزير العلاقات مع البرلمان ما عبر به امام روبرت جاكسون القائم باعمال السفارة الامريكية من ان 'إنشاء الحزب الجديد الرسمي للدولة يمثل تهديدا خطيرا للديمقراطية في المغرب'. لكنه اشار الى انه 'يجب اخذه بسياقه الزمني' وان ما قاله اعلنه قبل ذلك بالصحف وفي مؤتمرات حزبه من موقع الخشية على الديمقراطية بالبلاد، فيما نفى فتح الله رسلان الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والاحسان ان يكون قد طلب من السفارة الامريكية التدخل للافراج عن معتقليها في السجون وقال ان السفير الامريكي هو الذي سأل عن هؤلاء. كما نفى الحسن الداودي عضو الامانة العامة لحزب العدالة والتنمية ان يكون الامين العام للحزب عبد الإله بن كيران قد ذكر للسفير الامريكي توماس رايلي عن علاقة بين الملك وانشاء حزب الاصالة والمعاصرة وان ما ذكره في الاجتماع الذي حضره الداودي هو عن الدولة وليس الملك.
ويعتقد الكاتب والصحافي مصطفى الخلفي مدير يومية 'التجديد' المقربة من حزب العدالة والتنمية ان الوثائق الامريكية التي سربت لموقع ويكيليكس حول الحياة السياسية المغربية تكشف عن 'هيمنة قراءة اختزالية تآمرية وتبسيطية تقدم تطورات المشهد السياسي كنتاج لصراع بين المؤسسة الملكية والحركة الإسلامية، تتم فيها وبشكل ضمني استعادة الصراع، الذي شل المغرب في بداية الاستقلال، بين الملكية واليسار'.
ويؤكد الخلفي 'أن الواقع السياسي الحالي خلاف ذلك سواء من جهة المؤسسة الملكية والتي تميزت بخيار الدمج الجزئي للتيار الإسلامي والذي جعل المغرب مختلفا عن باقي الدول العربية، أو من جهة التيار المعتدل في الحركة الإسلامية بمختلف مكوناته والمؤمن بمركزية المؤسسة الملكية في الاستقرار والوحدة والإصلاح، ودون أن يؤدي الاتفاق أو الاختلاف مع السياسات المتخذة من قبل المؤسسة الملكية إلى التحول إلى طرف ينازع في شرعيتها ويناقش وجودها'.
وحذر الخلفي من 'التعاطي التقديسي والاستسلامي لما جاءت به الوثائق، لما لذلك من مخاطر السقوط في دوامة الفوضى الهدامة، وخاصة ما يهم تأجيج الصراعات الداخلية ودفع الأطراف إلى مزيد من الاحتراب والصراع' وايضا من الانسياق نحو رؤية التغيير الأمريكي عبر ''الفوضى الخلاقة'' والتي روجت لها من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية في السابق، والقراءة التي قدمت والاختزال التآمري الذي تم لها، بما يخدم في نهاية المطاف من يرغبون في افتعال الصدام بين الملكية والحركة الإسلامية واستدراج الأخيرة لدوامة هذا الصدام، وهو ما يقتضي التحذير الشديد والرفض الواضح'.
واعتبر المحلل السياسي عبد الصمد بلكبير أن التعاطي مع وثائق ويكيليكس 'يفرض الانتباه لظاهرة تضخيم التناقضات الثانوية وتحويلها لتناقضات أساسية، وتشجيع شروط الفتنة والفوضى الخلاقة من خلال القراءة الأحادية للوثائق، وتكشف عن رأيهم ولا تكشف حقائقنا بل حقائقهم ونظرتهم لنا وقراءتهم المغرضة للأحداث السياسية، كما توفر إمكانية دراسة دور السياسة الأمريكية في إضعاف المؤسسات الوطنية، بما يعزز من فرص وإمكانات النفوذ الأمريكي الاقتصادي والسياسي في المنطقة'.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق