المغرب: احزاب وهيئات حقوقية تنتقد تصريحات بن كيران لقناة 'الجزيرة' حول العفو عن ناهبي المال العام

 لا زالت تصريحات رئيس الحكومة المغربية بالعفو عن ناهبي المال العام والفاسدين تثير ردود فعل غاضبة من الاوساط السياسية والحقوقية ومنظمات المجتمع المدني.
وقال الحزب الاشتراكي الموحد (يسار معارض) ان موقف رئيس الحكومة عبد الاله بن كيران يندرج في 'إطار سياسة الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية'، التي تسببت في افلاس العديد من المؤسسات العمومية ونهب ميزانيات العديد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما ساهمت في تخلف البلاد وتوسيع دائرة الأمية والجهل والفقر والأمراض.
وقال الحزب في بيان ارسل لـ'القدس العربي' ان عبد الاه بن كيران اعطى لنفسه حق وصلاحية العفو عن ناهبي المال العام الذين ارتكبوا جرائم في حق الشعب المغربي وأجياله، وتسببوا في افلاس العديد من المؤسسات العمومية، ونهبوا ميزانيات العديد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واستولوا على آلاف الهكتارات من الأراضي الفلاحية والعقارات'.
واكد الحزب الاشتراكي الموحد إنّ تصريح رئيس الحكومة لقناة 'الجزيرة' يعتبر 'مناقضا مع مضمون التصريح الحكومي الذي تضمن مجموعة من النوايا المرتبطة في محاربة الفساد'، كما استرسلت أنّ ذات الخرجة الإعلاميّة المثيرة للجدل، وهي التي أصبحت شهيرة باسم 'عفَا الله عمّا سلف'، إنّما 'تندرج في إطار إنكار دور العدالة وتقويّة سياسة الإفلات من العقاب عن الجرائم الاقتصادية'. واعلنت عدد من الجمعيات والهيئات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني رفضها 'العفو' عن ناهبي المال العام وطالبت بتقديمهم للمحاكمة واسترداد الاموال المنهوبة.
وتوجه عبد الاله بن كيران في وقت سابق في تصريحات لقناة 'الجزيرة' الى من تحوم حولهم شبهات الفساد واختلاس المال العام انه عفا الله عما سلف ومن يعود الى نفس السلوك فان الله سينتقم منه، واكد الجمعة موقفه وقال انه لن يحارب الساحرات وان محاربة الفساد في برنامج حزبه الانتخابي وبرنامج حكومته تتعلق بما يقدم من ملفات في ظل حكومته، واوضح انه يقصد أن هناك مرحلة جديدة لها منطق جديد وتتطلع إلى المستقبل، في ظل دولة الحق والقانون ومن كانت لديه ملفات موثقة فليقدمها للقضاء. 
ويعتبر ما يعرف بملف مزوار- بن سودة من اكثر ملفات الفساد وتبذير المال العام المطورحة حاليا على الراي العام المغربي بعد الكشف عن قيام وزير المالية السابق صلاح الدين مزوار ومدير الخزينة العامة ور الدين بن سودة بتبادل صرف المنح المالية. 
وقال الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان إنّ 'قلقا بالغا' يطغى على متابعته لتطورات هذا الملف الذي وصفه بـ'فضح تبادل العلاوات النّاتجة عن خرق واضح لمبدأ عدم تضارب المصلحة لبعض المسؤولين بوزارة الماليّة'.
وقال الائتلاف ان وزارة المالية اختارت عوضا للمعالجة القانونية التي يستوجبها مضمون الموضوع انشغلت في كيفية تسريب الوثائق المتعلقة بالملف واعتباره افشاء للسر المهني رغم كون المعطى لا يمتّ بصلة للإفشاء بالسرّ المهنيّ وان هذا لا يتماشى مع شعارات محاربة الفساد التي تبنّتها الحكومة، وتجاهل لمطالب الشارع المغربي، خاصة التي عبرت عنها احتجاجات حركة 20 فبراير المناهضة للفساد والاستبداد'.
وانتقد الائتلاف الذي يضم 18 هيئة حقوقية 'تعطيل حقّ الوصول إلى المعلومة التي تتوفر عليها الإدارة' معتبرا أنّ الدستور 'يلغي المادّة 18 من قانون الوظيفة العموميّة القاضيّة بعدم إفشاء السر المهني إذا تعلّق الأمر بحماية المال العامّ'.
وأضاف أنّ القانون يكفل حماية الشهود والخبراء من فاضحي الفساد والمبلغين عن جرائم الغدر والرشوة والاختلاس واكد على ضرورة حماية الحقّ في الوصول إلى المعلومة، تنفيذا لالتزامات الدولة المغربية الناتجة عن تصديقها على الاتفاقية الدولية بخصوص محاربة الرشوة، ووفقا لمضامين الدستور'.
وطالب الائتلاف بحماية الحكومة للسيرة المهنية لكل المستخدمين فاضحي الفساد بالإدارات والمؤسسات العموميّة وضمن القطاع الخاص المكلف بمهام تدبير المرفق العام، زيادة على وجوب إعمال ذات السلطة للحق في فضح كل مظاهر الفساد والتبليغ عنها تفعيلا لمضامين الاتفاقية الأمميّة لمكافحة الفساد وتوقيع المغرب عليها.
وادان كل 'أشكال الترهيب والاستفزاز والاعتداء والاعتقال التي يمكن أن تطال فاضحي الفساد'، ودعا إلى 'تعزيز الوعي العام بالحق في الوصول إلى المعلومات' و'وضع استراتيجيات مبتكرة تعزز تدفق المعلومات ذات الصلة بتدبير الشأن العام والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين..'. 
واستغربت الشبكة المغربية لحماية المال العام تصريحات عبد الإله بنيكران، وأكدت الشبكة المغربية لحماية المال العام إن هذه التصريحات تكرس 'الإفلات من العقاب'، وتعاكس تطلعات الشعب المغربي، وتأتي في ظل دينامكية سياسية واجتماعية متصاعدة تطالب بمحاكمة ناهبي المال العام.
ونددت السكرتارية الوطنية للشبكة، في بيان نشره موقع 'هسبريس' بتصريحات بنكيران حيث اعتبرتها 'تراجعا عن الوعود الانتخابية لحزب رئيس الحكومة الذي ركز على محاربة الفساد، وتجاوزا للبرنامج الحكومي الذي نال بموجبه ثقة البرلمان'.
وقالت أن تصريحات بنكيران 'عفا الله عما سلف' فيها تطاول على صلاحية السلطة القضائية التي وحدها لها الحق في ترتيب الجزاء وفق المحاكمة العادلة، كما أنها تعتبر ضوء أخضر لآلة الفساد من أجل الاستمرار في نهب ثروات الشعب المغربي'.
ولفتت الشبكة انتباه رئيس الحكومة بأن الدولة المغربية صادقت على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، والتي تنص محاورها الكبرى على عدم الإفلات من العقاب، واسترجاع الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، ومحاكمة المتورطين والمتسترين، وهو ما يتطلب من الحكومة العمل على ترجمة نصوصها إلى أرض الواقع'.
وحمَّلت رئيسَ الحكومة المسؤوليةَ في إفلات الناهبين والمختلسين من المتابعة، وقالت أن تصريحاته بمثابة إقرار بالفشل في محاربة لوبي الفساد، وتعتبر النتيجة المنطقية لذلك الفشل أن يقدم استقالته من منصبه'.
وقالت الشبكة المغربية لحماية المال العام أن 'حماية المال العام والثروات الوطنية تتطلب إرادة سياسية حقيقية وقضاء مستقلا ونزيها'.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق