يصدر قريباً في لندن كتاب جديد بعنوان "تاريخ العالم منذ 9/11" لمؤلفه دومنيك ستريتفيلد، يتهم فيه المؤلف الجيش الأميركي في العراق بأنه تصرف على نحو غير مسؤول وساعد تنظيم "القاعدة" في الاستحواذ على أكبر مخزن للأسلحة في العالم،
ولدى اكتشاف ما حصل جرت محاولات للتغطية على التقصير الأميركي ومنع تسرّب المعلومات عنه إلى وسائل الإعلام. وحصلت صحيفة "الغارديان" على حق نشر أحد فصول الكتاب الجديد
الذي يروي فيه المؤلف كيف تمكن تنظيم "القاعدة" من الوصول إلى ترسانة الأسلحة في ربيع 2003، أي بعد أيام من سقوط نظام حكم صدام حسين.تبدأ القصة في قرية صغيرة اسمها اليوسفية تقع جنوب غرب بغداد، حيث فوجئ فلاحان عراقيان، أحدهما يدعى حقي محمد، كانا يعملان في أرضهما بجندي عراقي اقترب منهما فألقى بسلاحه وطلب منهما أن يمنحاه دشداشة فاستبدل بها ملابسه العسكرية ومضى راكضاً بين الحقول. كانت بندقية الجندي وملابسه تحمل علامة "منظومات الأمن العراقي". ويقول المؤلف أن اليوسفية قرية منسية تبعد عن بغداد 25 كيلومتراً ونحو30 دقيقة بالسيارة من مطار بغداد الدولي، ما جعلها صالحة كمخبأ، أو كمكان سري. لذلك في عام 1977، وقع اختيار الرئيس العراقي في حينه أحمد حسن البكر على اليوسفية، حيث أنشأ على بعد 15 كيلو متر منها مصنعاً ومخزناً كبيراً للذخائر. ونقل المؤلف عن خبراء يوغسلافيين عملوا على إنشاء المصنع أنه حمل في الأصل اسم "البكر"، إلى أن جاء صدام حسين إلى الحكم، فغيّر الإسم وأطلق عليه اسم القائد الإسلامي العراقي "القعقاع بن عمرو"، بطل معركة القادسية الثانية ضد الفرس في القرن السادس عشر. فيما نقل عن مفتشي الأسلحة الذين أوفدتهم الأمم المتحدة إلى العراق للتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل بأنه "أكبر مخزن أو ترسانة أسلحة رأوها في حياتهم". فالترسانة التي تقوم على مساحة 36 كيلومتراً مربعاً وتحتوي على 1100 بناء وعمل فيها نحو 14 ألف عامل وموظف كانت مدينة قائمة بحد ذاتها ولم تكن بحاجة لأي شيء من الخارج لدرجة أنها كانت تتزود بالكهرباء من محطة خاصة بها لا علاقة لها بالشبكة الوطنية لكهرباء العراق، مما ساعد على بقائها موقعاً سرياً لمدة طويلة. كان صدام سعيداً بوجود هذا المصنع الذي أثبت فائدته عام 1980 لدى اندلاع الحرب مع إيران، ما دفعه لإنشاء مصانع وترسانات أسلحة سرية أخرى شبيهة في الصحراء ليس بعيداً عن اليوسفية. ويروي المؤلف أن صدام أمر خلال الحرب مع إيران باستيراد كميات هائلة من البارود والمواد سريعة الاشتعال والمتفجرة الأخرى من الخارج، حيث وصلت إلى العراق شحنات بمئات الأطنان من هذه المواد من شرق أوروبا وتشيلي. وأضاف أن المفتشين الدوليين الذين زاروا العراق بعد الغزو العراقي للكويت اكتشفوا هذه المواد المتفجرة فقاموا بجمعها وأمروا بوضعها في مخزن خاص تحت الأرض في الناحية الجنوبية الغربية من موقع القعقاع ويقدر وزنها بحوالي 341 طناً. كانت تلك عملية سرية لم تكشف الأمم المتحدة عنها مثلما تستر صدام ذاته عليها لأسبابه الخاصة. فسكان المنطقة لم يعرفوا عن هذا المخزن شيئاً مثلما أنهم لم يكونوا على اطلاع على ما يدور داخل الموقع، سوى أنهم مع مرور الوقت أدركوا أن الموقع عبارة عن ثكنة عسكرية لا أحد منهم يعرف بالضبط ما يجري فيها. في الثاني أو الثالث من أبريل 2003، وصل الجنود الأميركيون إلى القعقاع واحتلوا الموقع من دون مقاومة، إذ أن الجنود العراقيين الذين كانوا في الحراسة هربوا، تماماً مثلما فعل الجندي الذي وصل إلى اليوسفية وطلب الدشداشة من حقي محمد وأخيه. بالطبع عندما فرّ الجنود استيقظ حب الاستطلاع لدى مواطني اليوسفية الذين كانوا خلال السنوات الماضية ممنوعين من دخول "موقع القعقاع"، فبدأوا يتوافدون للتعرف على أسراره. فهدم الأهالي السور المحيط بالموقع من دون أن يعترضهم أحد. وبعد ساعات فقط، كان أكبر مخزن للأسلحة في منطقة الشرق الأوسط مفتوحاً أمام الجمهور والدخول إليه والخروج منه يتم بحرية تامة. حتى الجنود الأميركيين التابعين للفرقة 101 المحمولة جواً التي أقامت معسكراً قريباً لها من القعقاع لم تكن معنية بالتعرف على ما يحتويه الموقع. إذ أن الجنود الأميركيين كانوا منهمكين في ترتيب أمر وصولهم إلى بغداد والاحتفال بالنصر على صدام، ولم يعيروا اهتماماً لما كان مخزوناً بقربهم. وذلك دليل على أن القيادة العليا للجيش الأميركي لم تقدم للجنود معلومات دقيقة عمّا كان يصادفهم على الأرض. كان العالم ما زال مأخوذاً بالنصر السريع الذي حققه الجيشان الأميركي والبريطاني في العراق، حينما بدأت وسائل الإعلام تنقل أخبار الفوضى التي انتشرت في العراق وعمليات السلب والنهب. ونقل المؤلف عن حقي إبراهيم، الذي وصل إلى موقع القعقاع مع أخيه فوق سيارة تجارية رفعا فوقها علماً أبيض، أنه وجد باب الموقع مشرعاً والتقى فيه بالمئات من أبناء اليوسفية. وروى حقي كيف نهب المواطنون محتويات الموقع ولم يتركوا فيه شيئاً ليتحول إلى ما يشبه الخربة، بما في ذلك مخازن الأسلحة، مستعينين بالرافعات التي كانت موجودة في الموقع لسحب الآلات والمحركات أو الأسلحة الثقيلة التي تم نهبها. ولم يقتصر النهب على أهالي اليوسفية، بل انضم إليهم أهالي بلدة أخرى تقع إلى الشمال الشرقي للموقع تدعى محمودية. يقول المؤلف أن "موقع القعقاع" نهب عملياً قبل سقوط صدام بيومين وكانت المنهوبات عرضت للبيع في أسواق المنطقة وجرى تبادلها بين الناس في شكل واسع. غير أن المواطنين الذين لم يتركوا شيئاً ونهبوه، لم يعثروا على المخزن الذي كانت المواد المتفجرة وشديدة الاشتعال مخبأة فيه. ويقول المؤلف أن هذه الحقيقة يعرفها الجميع لأن صحفيين أميركيين وصلا إلى الموقع في 18 أبريل وهما اللذان اكتشفا المخزن، وكتبا تقريراً حول المخزن السري. إذ قام الصحفيان اللذان رافقا وحدة عسكرية أميركية بجولة في الموقع واكتشفا المخزن. بل أن جاك بوتيه، رئيس فريق المفتشين الدوليين عن الأسلحة في العراق زار العراق بعد أسبوعين من سقوط صدام فوجد مخزن المواد المتفجرة مغلقاً فطلب من الجيش الأميركي أن يوفر حماية للمخزن الذي كان ما زال غير مكتشف من جانب الناس. ويروي أهالي اليوسفية والمحمودية أنه في ذلك الوقت المبكر بدأ مقاتلون عرب من جنسيات مختلفة ينتمون الى "القاعدة" يصلون إلى المكان. فهؤلاء المقاتلون هم الذين أبلغوا أهالي المنطقة بأن "القعقاع" يحتوي على ما هو أكثر من الأسلحة التقليدية التي عثروا عليها ونهبوها وبدأوا يبيعونها في الأسواق.
ولدى اكتشاف ما حصل جرت محاولات للتغطية على التقصير الأميركي ومنع تسرّب المعلومات عنه إلى وسائل الإعلام. وحصلت صحيفة "الغارديان" على حق نشر أحد فصول الكتاب الجديد
الذي يروي فيه المؤلف كيف تمكن تنظيم "القاعدة" من الوصول إلى ترسانة الأسلحة في ربيع 2003، أي بعد أيام من سقوط نظام حكم صدام حسين.تبدأ القصة في قرية صغيرة اسمها اليوسفية تقع جنوب غرب بغداد، حيث فوجئ فلاحان عراقيان، أحدهما يدعى حقي محمد، كانا يعملان في أرضهما بجندي عراقي اقترب منهما فألقى بسلاحه وطلب منهما أن يمنحاه دشداشة فاستبدل بها ملابسه العسكرية ومضى راكضاً بين الحقول. كانت بندقية الجندي وملابسه تحمل علامة "منظومات الأمن العراقي". ويقول المؤلف أن اليوسفية قرية منسية تبعد عن بغداد 25 كيلومتراً ونحو30 دقيقة بالسيارة من مطار بغداد الدولي، ما جعلها صالحة كمخبأ، أو كمكان سري. لذلك في عام 1977، وقع اختيار الرئيس العراقي في حينه أحمد حسن البكر على اليوسفية، حيث أنشأ على بعد 15 كيلو متر منها مصنعاً ومخزناً كبيراً للذخائر. ونقل المؤلف عن خبراء يوغسلافيين عملوا على إنشاء المصنع أنه حمل في الأصل اسم "البكر"، إلى أن جاء صدام حسين إلى الحكم، فغيّر الإسم وأطلق عليه اسم القائد الإسلامي العراقي "القعقاع بن عمرو"، بطل معركة القادسية الثانية ضد الفرس في القرن السادس عشر. فيما نقل عن مفتشي الأسلحة الذين أوفدتهم الأمم المتحدة إلى العراق للتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل بأنه "أكبر مخزن أو ترسانة أسلحة رأوها في حياتهم". فالترسانة التي تقوم على مساحة 36 كيلومتراً مربعاً وتحتوي على 1100 بناء وعمل فيها نحو 14 ألف عامل وموظف كانت مدينة قائمة بحد ذاتها ولم تكن بحاجة لأي شيء من الخارج لدرجة أنها كانت تتزود بالكهرباء من محطة خاصة بها لا علاقة لها بالشبكة الوطنية لكهرباء العراق، مما ساعد على بقائها موقعاً سرياً لمدة طويلة. كان صدام سعيداً بوجود هذا المصنع الذي أثبت فائدته عام 1980 لدى اندلاع الحرب مع إيران، ما دفعه لإنشاء مصانع وترسانات أسلحة سرية أخرى شبيهة في الصحراء ليس بعيداً عن اليوسفية. ويروي المؤلف أن صدام أمر خلال الحرب مع إيران باستيراد كميات هائلة من البارود والمواد سريعة الاشتعال والمتفجرة الأخرى من الخارج، حيث وصلت إلى العراق شحنات بمئات الأطنان من هذه المواد من شرق أوروبا وتشيلي. وأضاف أن المفتشين الدوليين الذين زاروا العراق بعد الغزو العراقي للكويت اكتشفوا هذه المواد المتفجرة فقاموا بجمعها وأمروا بوضعها في مخزن خاص تحت الأرض في الناحية الجنوبية الغربية من موقع القعقاع ويقدر وزنها بحوالي 341 طناً. كانت تلك عملية سرية لم تكشف الأمم المتحدة عنها مثلما تستر صدام ذاته عليها لأسبابه الخاصة. فسكان المنطقة لم يعرفوا عن هذا المخزن شيئاً مثلما أنهم لم يكونوا على اطلاع على ما يدور داخل الموقع، سوى أنهم مع مرور الوقت أدركوا أن الموقع عبارة عن ثكنة عسكرية لا أحد منهم يعرف بالضبط ما يجري فيها. في الثاني أو الثالث من أبريل 2003، وصل الجنود الأميركيون إلى القعقاع واحتلوا الموقع من دون مقاومة، إذ أن الجنود العراقيين الذين كانوا في الحراسة هربوا، تماماً مثلما فعل الجندي الذي وصل إلى اليوسفية وطلب الدشداشة من حقي محمد وأخيه. بالطبع عندما فرّ الجنود استيقظ حب الاستطلاع لدى مواطني اليوسفية الذين كانوا خلال السنوات الماضية ممنوعين من دخول "موقع القعقاع"، فبدأوا يتوافدون للتعرف على أسراره. فهدم الأهالي السور المحيط بالموقع من دون أن يعترضهم أحد. وبعد ساعات فقط، كان أكبر مخزن للأسلحة في منطقة الشرق الأوسط مفتوحاً أمام الجمهور والدخول إليه والخروج منه يتم بحرية تامة. حتى الجنود الأميركيين التابعين للفرقة 101 المحمولة جواً التي أقامت معسكراً قريباً لها من القعقاع لم تكن معنية بالتعرف على ما يحتويه الموقع. إذ أن الجنود الأميركيين كانوا منهمكين في ترتيب أمر وصولهم إلى بغداد والاحتفال بالنصر على صدام، ولم يعيروا اهتماماً لما كان مخزوناً بقربهم. وذلك دليل على أن القيادة العليا للجيش الأميركي لم تقدم للجنود معلومات دقيقة عمّا كان يصادفهم على الأرض. كان العالم ما زال مأخوذاً بالنصر السريع الذي حققه الجيشان الأميركي والبريطاني في العراق، حينما بدأت وسائل الإعلام تنقل أخبار الفوضى التي انتشرت في العراق وعمليات السلب والنهب. ونقل المؤلف عن حقي إبراهيم، الذي وصل إلى موقع القعقاع مع أخيه فوق سيارة تجارية رفعا فوقها علماً أبيض، أنه وجد باب الموقع مشرعاً والتقى فيه بالمئات من أبناء اليوسفية. وروى حقي كيف نهب المواطنون محتويات الموقع ولم يتركوا فيه شيئاً ليتحول إلى ما يشبه الخربة، بما في ذلك مخازن الأسلحة، مستعينين بالرافعات التي كانت موجودة في الموقع لسحب الآلات والمحركات أو الأسلحة الثقيلة التي تم نهبها. ولم يقتصر النهب على أهالي اليوسفية، بل انضم إليهم أهالي بلدة أخرى تقع إلى الشمال الشرقي للموقع تدعى محمودية. يقول المؤلف أن "موقع القعقاع" نهب عملياً قبل سقوط صدام بيومين وكانت المنهوبات عرضت للبيع في أسواق المنطقة وجرى تبادلها بين الناس في شكل واسع. غير أن المواطنين الذين لم يتركوا شيئاً ونهبوه، لم يعثروا على المخزن الذي كانت المواد المتفجرة وشديدة الاشتعال مخبأة فيه. ويقول المؤلف أن هذه الحقيقة يعرفها الجميع لأن صحفيين أميركيين وصلا إلى الموقع في 18 أبريل وهما اللذان اكتشفا المخزن، وكتبا تقريراً حول المخزن السري. إذ قام الصحفيان اللذان رافقا وحدة عسكرية أميركية بجولة في الموقع واكتشفا المخزن. بل أن جاك بوتيه، رئيس فريق المفتشين الدوليين عن الأسلحة في العراق زار العراق بعد أسبوعين من سقوط صدام فوجد مخزن المواد المتفجرة مغلقاً فطلب من الجيش الأميركي أن يوفر حماية للمخزن الذي كان ما زال غير مكتشف من جانب الناس. ويروي أهالي اليوسفية والمحمودية أنه في ذلك الوقت المبكر بدأ مقاتلون عرب من جنسيات مختلفة ينتمون الى "القاعدة" يصلون إلى المكان. فهؤلاء المقاتلون هم الذين أبلغوا أهالي المنطقة بأن "القعقاع" يحتوي على ما هو أكثر من الأسلحة التقليدية التي عثروا عليها ونهبوها وبدأوا يبيعونها في الأسواق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق